حكايات بيت الرحايمة_الفصل الثامن عشر_ج2 بقلم هالة الشاعر

 

الفصل الثامن عشر

حكايات بيت الرحايمة

عوده الغائب

(2)



"أنظري!!!"

فتحت عيونها من الألم لتجد صور ياسمين تملأ المكان وهناك صورة عملاقة خلابة لها تتوسط حائط كامل لدية.

الفصل الثامن عشر الجزء الثاني
روايه حكايات بيت الرحايمة


"هذه هي الفتاة التي أحب، الفتاة التي رأيتها أول مرة صغيرة تتبختر بالجينز الفضفاض البوهيمي واساور الصداقة الملونة بكل من ذراعيها ويسير خلفها أبناء عمومتك كحراس لها، أخذت قلبي منذ تلك اللحظة ولم تعده هل فهمتي الآن؟".

رجعها بعنف أكبر

"كنتِ تضايقينها أنت وأمك حميدة ها.. ألا تعلمين أنها تخصني كنتِ تضايقينها باستمرار، لا ألومك إن شعرت بالغيرة منها لا ألومك أين أنتِ منها أين أنت يا عل..."

لفظها من يده بقوة فارتطم رأسها بالحائط وضحك بسخرية مريرة

"علياء.. ها! علياء أين؟؟ لا أري أي كرامة لديك أمك المتغطرسة من أسمتك بهذا الاسم صحيح؟، مكانك بالأسفل واحدة مثلك مكانها الأسفل المفترض أن يكون أسمك سفلى هل فهمتي سوسو؟!".

تبكي بشدة غير مصدقة ما تراه أمامها وكم يمكن أن يكون مختل؟،

 بدأت الآن فقط تفهم الصراعات التي دلف بها شباب العائلة معه

 بدأت الآن فقط تعي!

تغطي وجهها بظهر يدها وتبكي بهستيرية ضياع مستقبلها وضياع كل شيء الموت فقط ما سوف يريحها مما هو قادم ولا شيء آخر صرخت حينما جذبها من شعرها على حين غرة يوقفها رغما عنها

"هل فهمتِ سوسو؟!!"

الجنون المطلق الذي ينبعث من عيونه جعلها توافقه برعب بالغ

"جيد والآن بعدما علمت أسمك الحقيقي ومكانتك لا وقت أضيعه أكثر عليك" جرها خطوتين يريها كاميرا المراقبة خاصته بشاشة ذكية صغيرة بالغرفة

"والآن سوسو الفرق بينك وبين ياسمين..."

عض شفته السفلى بغيظ بالغ

"لا لا لا ينبغي وضعك معها بنفس الجملة حتى!، لو تعلمين ما عرضت عليها لو تعلمين كم تحايلت كي تعطيني من وقتها دقيقة واحدة فقط لو تعلمين لدفنت نفسك سوسو، بينما أنت لوحت لك بعظمة مثل الكلب تماما فركضت علي تلهثين هذا هو مقدار قرفك سوسو والآن أنظري جيدا أمامك"

كادت جذور شعرها تقتلع من مكانها وهي تنظر لهاتف موضوع على الطاولة بغير فهم ثم أتضحت الرؤيا فجأة أنه يصورها الآن!

ثبتها بعنف أمام الكاميرا وانحنى إلى جوارها

"والآن يا حميد أخبرتك بأنك سوف تدفع الثمن إذا ما مسست ياسمين وها هو الثمن ليس فقط لتركك لها بيوم زفاف والتسبب بفضيحة علانيه لها بل ولأنك فكرت بها حتى، كل شيء سوف تدفع ثمنه فأختك المصون لديها تسجيلات وهي أتيه طواعية إلى شقة شاب أعزب".

ضحك بشدة امام الهاتف وعلياء تتوسل له لولا انه يمسك بشعرها لانهارت أرضا

اتسعت عيونه بجنون غير مسبق

"رد الدين فاسقة لعينه اليس كذلك يا حميد؟، العيني بالعين وأنت من بدأت يا عزيزي رغم أنني أجد من الظلم الفاحش أن نضع أختك المصون بنفس الخانة مع ياسمين بأي شيء!"

تركها فجأة فسقطت أرضا واغلق هو الهاتف أخيرا، تقيأت العصارة الصفراء التي لم تستطع كبحها أكثر من ذلك

تجاوزها

"نظفي الفوضى خلفك وأغربي عن وجهي"

حينما انتهت من استخراج عصارتها لطمت وجنتيها مرارا وتكرارا بلا أي فائدة....

***

لم تستطع الجلوس ولو للحظة خرجت أمام المنزل تستقبلها مثلما اعتادت أن تفعل عادت أبنه الغالي عادت.. لم تهن عليها ياسمين لم تهن عليها كانت تعلم أنها سوف تعود ما لم تكن واثقة به هو هل سيمد الله بعمرها أكثر كي تراها؟

وصلت السيارة أخيرا، رأتها من قارعه الطريق وعلمت أنها هي، التفتت خلفها حيث يجلس عبد الجبار ونادت بعيونها هرول لها بخجل فربتت على وجنته بكفها الجعد وتمسكت بذراعة الضخم بكفها الآخر.

"عادت لي.. أعادها الله لي.. يعلم بأن قلبي لم يكن يحتمل أكثر، رفق بي يا ولدي رفق بي".

أنحنى عبد الجبار وقبل يدها بأدب منذ أن علم الحقيقة وأنها ليست والدته الحقيقية يشعر بخجل بالغ لم يذقه الله مرارة اليتم ولو لوهلة واحدة حتى في البلاء كان رحيم به، لم يكن ليتمنى أم أكثر حنان ومحبه وعاطفة من توحة لم يكن ليتمنى، لكن بداخله تسأل يكبر وهله تلو الأخرى.

 ترى كيف كانت أمه الحقيقة؟

"حمد لله على سلامتها يا توحة"

فتوسلت بلهفة تتمسك بذراعة بكلتا كفيها الجعدتين تخشي أن يتسرب منها رويدا رويدا بعيدا عنها

"أمي أخبرتك بأن تقول أمي".

فارتسمت ابتسامة متألمة على شفتيه

"تأمرين يا ست الكل، تأمرين يا أمي".

وصلت السيارة أخيرا وذهب عوض وبعض الشباب لإنزال الحقائب من السيارة بينما إبراهيم نزل وفتح باب ياسمين التي تنظر أرضا ولم ترفع رأسها لهم بعد وأخيرا نزلت من السيارة تغطي بطنها بيدها فشهقت توحه تبكي بشدة وهي تضع كفيها على وجهها

"بنيتي.. بنيتي".

نشجت توحة من البكاء وجحظت عيون الحاضرين تماسكت ورد ولملمت نفسها سريعا من المفاجأة وذهبت نحو ياسمين التي تقف بحرج بالغ سلمت عليها وجذبتها بحنو للداخل ناحية توحة

زمجر إبراهيم خلفها

"خذيها للأعلى يا ورد كي تنام فقدميها متورمة بشدة لكثرة جلوسها اليوم"

ومن ثم غادرهم الي غرفة توحة وهو غاضب

توجهت بحذر ناحية الجدة التي فتحت ذراعيها على مصرعيهم رغم بكائها الشديد، ارتمت ياسمين بحضنها حيث أصبح كل شيء على ما يرام ولا سوء سوف يصيبها بعد اليوم.

تنشج الجدة بحضنها بألم بالغ

"وحدك.. حملتيه وحدك يا ياسمين طوال هذه المدة، تعيشين عمرك كله وحدك يا ياسمين قلبي عليك، قلبي عليك".

ضمتها ياسمين بقوة ولم تبالي بالدموع التي تغرقها

"حمد لله على سلامتك يا بنت العم".

"شكرا ءوض"

نظرات الحزن هي ما يقابلها ممزوج ببعض الاسي لم تتوقع يوما أن تصبح مثيرة للشفقة، لطالما كانت مصدر عز وفخر، بدد عوض الجو الغريب بمزاحة كالعادة

"ها قد بدأنا يا بنت العم لماذا تنسين حرف ع كلما سافرت سوف أتقاضي منك المال مقابل تعليمك الحروف هذه المرة هل هذا مفهوم؟"

ابتسمت له تهز رأسها من بين دموعها

"حسنا هذا عادل كفاية"

غمغمت بالإنجليزية

فنفض ذراعيه بدرامية

"ها قد عدنا للهمهمات التي لا معنى لها".

أخذتها الجدة إلى الغرفة وسلم الكثير عليها لكن بهدوء ليس بالصخب المعتاد والصراخ اللذيذ والحماسة التي أعتدوها، سألوا عن الأحوال وكيف أصبح مطعمها وأمر الرهن

اعتدلت بألم الي جوار عبد الجبار تعض علي شفتها السفلى ويراقبها إبراهيم بقلب هلع (كيف تحملت هذا العبء وحدها طوال هذه المدة؟!)

صغيرة أنت يا حبه القلب على تحمل كل ذلك صغيرة يا ياسمين!

سألتها أم عوض

"كيف حال صديقاتك الجميلات يا ياسمين وكيف حال خالك بعد وفاه اليزابيث".

"كل من كيارا وسلفيا بخير لكن جون لا يستطيع النسيان بعد ويشرب كثيرا"

غمغم معظم الحاضرون استغفر الله!

"سوف ينسي سوف يمر الوقت وينسى"

مالت شفاه ياسمين على جنب بخيبة أمل وكأن لا هناك أمل من ذلك

"ماذا هل هو مرابض لقبرها؟!"

سأل عوض باستنكار

"لا داعي لذلك فهي تمكث معنا بغرفه المعيشة"

 ومالت شفتها بشكل أكبر

"نتناول العشاء كل يوم أمامها!".

عاد الجميع بظهرهم للوراء بفزع بالغ بينما زاغت أنظارها للورده التي تقبع بأخر ركن من الغرفة وغمغمت بشرود

"أعني جرة رفاتها بالصالة الخاصة بالمنزل فهو يعيش معي الآن".

مد عوض رأسه بفضول ما الذى تعنية فشرحت له سريعا أن هناك الحرق طريقة للدفن مشهورة واليزابيث طلبت حرق جسدها ونسرها بالمحيط لكن جون يحتفظ بالجرة أمامه طوال الوقت!.

عاد بظهرة سريعا للخلف

"أعوذ بالله من غضب الله تستعجل نار الآخرة على الأرض ما هذا يا بنت العم أتدرين أن المغسل هنا يغسل الميت بماء دافئ الحرارة معتدل كي لا يؤذي الميت هل تستوعبين حجم الجرم الذي تقومون به؟!".

هزت كتفها

"أنها ثقافتهم عوض جون يريد حرق رفاته ووضعها بالجرة المجاورة لها كما أن طريقة الدفن تلك شائعة لأنها أرخص من ناحية التكاليف"

رفع عوض يده يستوقفها بألم

"الحمد لله الذي كرمنا بالإسلام"

غمغمت بشرود تنظر مرة أخرى ناحية الوردة

"ونعم بالله"

راقبها إبراهيم وجحظت عيونه فجأة ومن ثم صرخ بها عوض حتى فزعت من مكانها

"يا الله أنت تعلمين!"

توترت بشدة ونظرت أمامها

"أعلم ماذا؟"

"بشأن القبر!".

شهقت ورفعت يدها تكتم صراخها وتنظر لا إرادي نحو عبد الجبار والعيون تتسع بشدة على آخرها

"كنت تعلمين يا ياسمين؟"

أنزلت يدها أخيرا عن فمها وامسكت بذراعة

"كيف حالك جوجو؟".

انتهت دهشته

"في نعمة وفضل الحمد لله".

مسحت على ذراعه صعودا وهبوطا وقبلت وجنته برقة وهمست له

"أخبرني بأن أكثر شيء سوف يحزنك كونك لست أبنها الحقيقي لأنك تحبها لهذه الدرجة".

طفقت الدموع بعيونه وربت على ظهرها لطالما كانت مقربه منه ولم تهتم أبدا كونه ليس ابن توحة الحقيقي

"شكرا يا ياسمين.. شكرا على كل شيء".

نزلت من الاريكة المرتفعة الخاصة بالجدة والمغطاة بغطاء شديد النظافة أصفر اللون

وتوجهت ناحية الوردة وجلست على عقبيها حذرتها الجدة إلا أنها ربتت على تربه الوردة بحنان

"أن الآوان كي تعلمي يا توحة أن عبد السميع هو من وضع بذور الوردة هنا أول مرة كي تسعدي بها".

كتمت فتحية فمها بشدة

"وأوصاني بوضع البذور قرب ذبولها وبعض من السماد".

أخرجت مغلف صغير من جيب فستانها ونثرته فوق التربة

"لكن الغريب أن الوردة لم تحتاج أي منهم لكنني كنت أضعهم تنفيذ للوصية لا أكثر".

ثم التفتت للقبر مرة أخرى وربتت على التربة

"يبدوا أن بسيمة تحب وجودها هنا حقا"

الصدمة على وجوههم كبيرة

"تعلمين أسمها أيضا؟!"

"أجل جوجو تعلم عبد السميع لم يخفي على أي شيء"

بكت فتحية بشدة على أحبائها اللذين فقدتهم وذهبت ياسمين تضمها الي حضنها

رن هاتف ميار أخت سميح أكثر من مرة وتسللت للخارج الاسرار والمفاجأة لا تنتهي من بيتهم بحق!

انتبهت والدتها لها وحينما استطاعت تسللت خلفها

"أجل سميح.. لا لا هي هنا"

سأل بنزق

"لا تجيب على هاتفها اتصلت أكثر من مرة!"

"أ أنها بغرفة الجدة تعلم.. نسيته!".

"أه أعطيه لها إذا أريد التأكد من أغراض جهازك قبل ارسال الشحنة هيا لا وقت لدي!"

"اه أمم . سميح!"

"ماذا هناك؟ هل أمك بخير؟ هل الجدة بخير تحدثي يا ميار ماذا هنا؟!!"

"أمم أنها.. أمم"

خرجت أم سميح تلوح لها بسرعة بلا بأن لا تخبره

لكن سميح تبدلت نبرته وسألها بخفوت

"ياسمين شيء يخص ياسمين!!"

هزت رأسها بنعم لشدة توترها ونسيت أنه لا يراها

"تحدثي!"

"هنا إنها هنا"

لطمت أمه كل من وجنتيها بهدوء كي لا يشعر بها أحد

"كيف حالها؟"

النبرة خاصته شقت قلبها نصفين على أخوها الحبيب

"بخير انها بخير"

"لمَ لم تخبريني يا ميار؟"

لم تحتمل عتابه لها

"والله لم أعلم دلفت منذ خمس دقائق ليس إلا، لم يعلم أحد بقدومها".

هز رأسه بألم

"أنا قادم يا ميار"

"ماذا أسمع سميح.. أنها.. أنها.. حامل!"

تجمد مكانه للحظات ونزل الهاتف عن يده وقد زاد الحمل فوق كتفه كثيرا ثم خرج من مكتبه وتوجه بقوة الي مكتب رئيسه بالعمل والكفيل خاصته وفتح الباب دون أن يطرقه

"ابشري .. بيصر خير إن شالله ما بيصير إلا الخير إن شا الله"

يبتسم ويتحدث على الهاتف فخطفه سميح وأغلقه بقوة ثم ضرب بكل من كفتيه على المكتب بقوة

"أريد جواز سفري سوف انزل مصر الآن اليوم".


"ايش فيك أنت؟ الجوال خطيبتي بتغضب الحين!".

فصرخ بقوة في وجهه

"الآن يا فهد!".

فعاد الأخر بكرسيه مرة واحدة

"الله أكبر!!".

 

نهاية الفصل


إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال