حكايات بيت الرحايمة_الفصل العشرون_ج2 بقلم هالة الشاعر

 

الفصل العشرون
كشف المستور

(2) 




نظر حوله ومزق ملائة السرير على الفور وربط يدها وهو يحاول إفاقتها بدأ جسدها بالارتعاش والبكاء، جرها من يدها أسفل جناحه وذهب للأسفل متجاهل العيون المحدقة به وركب بأول سيارة صغيرة للمشفى العام ببلدتهم

*** 

حكايات بيت الرحايمة
حكايات بيت الرحايمة_الفصل العشرون_ج2 بقلم هالة الشاعر


"رجاء أختي سقطت فوق السكين وجرحت يدها"

نظرت الممرضة له ولكف أخته وفكت الضمادة التي صنعها لها حميد على عجاله ومن ثم حضر الطبيب المناوب بعد أن تفحصها

"لا بأس ليست عميقة لا داعي للذعر حتى أنها لم تفقد الكثير من الدماء بسبب الضمادة"

طمأنهم الطبيب سريعا وعصر حميد ذراع أخته كي لا تبكي ولا تتوه نظراتها

"أفيقي كي لا يشك بنا أحد"

هزت رأسها له موافقه وحاولت تجميع أي من تركيزها

تراجع للخلف حسب أومر الممرضة وانتظر أمام الغرفة تتزاحم الأفكار برأسه وتتصارع بقوة ما الذي يعنيه سامي؟ وكيف علم أن علياء تحتاج إلى طبيب؟!

هم بالاتصال به لكنه ما إن رفع الهاتف حتى وجد رقمه على الشاشة

"كيف علمت أن علياء تحتاج إلى طبيب وما شأنك بها؟!"

هدر حميد بقوة

"أمم حسنا حميد أختك تحتاج إلى طبيب من ذاك النوع الذي تذهب له الفتيات ليلا.. عادة ما تكون العيادة قذرة لكن النتائج مبهرة تعلم.. تخرج منها عذراء مرة أخرى"

"أخرس يا ابن الكلب، أخرس!"

التفت البعض له بغضب اثناء مرورهم وابتعد هو

"سوف أقتلك يا سامي وأخلص منك ومن قرفك"

"حسنا تريد اثبات ما رأيك فيديو مصور بالصوت والصورة يوضح ما أقوله لك تماما، وإذا ما سألتني من اين لي بهذه الثقة أخبرك بأنني قمت بدور البطولة"

ضحكة خشنة مجلجلة صدرت عن سامي

 حميد كاد أن يغشي عليه لشدة ما يشعر به من ضغط ويتمنى لو يفتك به فتك لكنه سوف يفضح نفسه، خرجت علياء بأرجل مرتعشة من الغرفة ونظرة ضائعة مهتزة فارتج قلبه بصدره.

 علياء تعلم جيدا خطورة سامي وأن بينه وبينهم بحور من الدم يستحيل أن تكون بالقرب من هذا الحقير بأي شكل من الاشكال

مستحيل!

جذبها من ذراعها السليمة وخرج سريعا من المشفى التف خلف المشفى وألصقها بالحائط

"ما هي علاقتك بسامي بالضبط ألا تعلمين بانه مختل؟!"

عَلمت!

عَلمت ولكن بالطريقة القاسية!

ارتعشت شفتها ولم تستطع الإجابة

"لمَ حاولت الانتحار ما خطبك لا ينقصك شيء علياء أمك وابوك لم ينقصوا عليك شيء أبدا"

تبكي وترتعش وتهز برأسها رافضة بقوة

الضعف ليس من شيمها مطلقا اين جرأتها وتكبرها وعنفوانها

اين؟

اين؟!!!

صفعة ثم أخرى وأخرى وأخرى

حتى أدميت شفتيها تماما وأمتلئ وجهها بالكدمات

ولم تدافع عن نفسها ولو لوهله فعلم أن كلام الحقير حقيقي فأخذ يصرخ بعلو الصوت

"لماذا؟، كيف هو؟ كيف؟! هو من بين البشر كلهم كيف؟!!

 البلدة كلها تعلم انه مختل كيف.. كيف؟!"

تركها وأخذ يطرق برأسه عدة مرات بالحائط بقوة بالغة حتى أدمت جبهته

صرخت به خوفا عليه

"هي السبب هي السبب أقسم لك ياسمين السبب!"

حينها توقف عن طرق رأسه ووقف يستمع

"لديه غرفة كامله مليئة بصورها جرني لها كي يريني أيها، أخبرني بأنه ينتقم .."

تتالت شهقاتها بقوة

"ينتقم منك لأنك دمرت سمعتها ولأنني كنت أضايقها"

 أنهار ونزل رويدا أرضا يستند على حائط المشفى.

 

الأمواج تتلاطم به من كل جانب ولا يرى خلاص ترى هل الموت حل لكل من علياء وله؟!، الحقير أخبره بأن لها فيديوهات لديه حتى الموت لن ينجيهم من العار!، اتصلت رقية أكثر من مرة فأغلق الهاتف تماما.

"أين أمك؟!"

سأل بصوت ميت خال من الحياة

تتالت شهقاتها وحكت أنفها بعنف بذراعها

"ب بيت جدك الجديد تفرشه"

وقف بملابسة المتسخة

"عليها بالبدء بالدفع.. لقد دمرتنا وأن أوان الحساب يا علياء"

*

نزلت بنزق بالغ وعصبية تستجيب لنداء الخادمة وحينما ظهر لها حميد مشعث الهيئة

"اتيت يا سبع الرجال وطلقتها أم لازالت على ذمتك يا خائب الرجا!، لم تخبر القاضي بأن الطفل ليس لك اليس كذلك؟!"

همت بالضرب على صدره لكنه أمسك بيدها فورا لأول مرة يمنعها من لمسه، ضاعت نظرة الخضوع والضعف وتحدث بصوت ميت مخيف

"دمرتِ حياتي ومستقبلي واضعتي زوجتي وابني مني والآن تدمرت حياة ابنتك هيا صلحيها"

جحظت عيونها بشدة لأنه يمسك بيدها ومن ثم انتبهت إلى علياء وشعرها والمشعث وملابس المنزل، لمَ علياء بالخارج بملابس المنزل؟!

على الفور بحثت بالمفاتيح الكثيرة التي تحملها وفتحت الغرفة بالدور الأول بالمنزل الجديد

غرفة فارغة يريدها والدها لاستقبال زوارة كي لا يجرح المنزل ولم تفرشها حميدة بعد

التفتت لهم برعب والضمادة بيد علياء المليء وجهها بالكدمات أصبحت واضحة الآن.

 تراجعت علياء بخوف خلف حميد وتمتمت حميدة بصوت أقسى من الصخر

"ماذا هناك؟"

جذب يد اخته المستسلمة التي تنظر ارضا برعب

"حاولت علياء الانتحار لكنني انقذتها بالوقت المناسب"

جحظت عيونها وضربت صدرها بهلع خوفا على ابنتها

"لماذا؟، ما بك يا علياء ما الذي ينقصك؟!!!"

أثار الضرب على وجهها مخيفة بدأت عيونها بالاتساع تدريجيا بخوف مطلق

لمَ ابنتها مضروبة بهذا الشكل؟!

ولماذا حاولت الانتحار؟!!!

لطمه

ثم أخرى

ثم أخرى!

ثم أمسكت بفمها بقوة بالغة كي لا تصرخ عاليا وتفضح نفسها وتفضح ابنتها

"لماذا؟، لماذا؟! مَن؟

مَن؟!!"

ثم لوحت بيدها بشراسة نافية بشدة

"لا يهم لا يهم.. س سوف أجري لك العملية.. لن يعلم أحد أبدا وما إن تشفى جروحك حتى نوافق على ابن خالك"

ثم ذهبت لها وجرتها من شعرها تتحدث بغل واضح

"خريج مدرسة الصناعة يا علياء يا من لطخت أسمنا بالوحل، اردت لك زيجة غير هذه، اردت لك زيجة يتحدث عنها الجميع يا غبية!"

ضحكات تعبه منهكة بشدة صدرت عن حميد

"أنه يعلمك أفضل مني، سخرية!"

تقدم نحوها بخطوات بطيئة ووضع كفيه بجيوبه

ارتعبت أمه بشدة وسألت بأنفاس لاهثة

"م مَن؟!"

"سامي"

عيونها تكاد تخرج من محاجرها من الرعب

"سامي م مَن؟!"

رفع أصبع السبابة من جيبه

"سامي واحد تتحدث عنه البلدة يا امي"

تراجعت برعب بالغ إلى الحائط تستند له تكاد تسقط عنه

"س س سامي بن القبطان؟!"

أعاد حميد كفيه لجيوبه مرة أخرى وهز برأسه موافق أمه ببرود

لطمت وجهها بهستيرية عدة مرات

"كيف؟ كيف؟! أنه مختل، كيف؟!!!"

أقترب برأسه منها ووشوشها بصوته الميت

"ينتقم من ثلاثتنا يا أمي على ما فعلناه بياسمين"

ذهب الهواء عن صدرها وأغشي عليها!

***

أنا زعلتك في حاجة

طب ايه يا حبيبي هي؟

بداري عينك ليه

لما بتيجي في عنيا

وحكايتك بس ايه

فيك حاجة مش عادية

تبا.. تبا.. تبا!

لها مدة تختبئ منه ونجحت بذلك بمساعدة إبراهيم وورد لكن هذه الاغنية من خلفها لبهاء سلطان تخبرها بأنه وجدها ووجد مخبأها الصغير فوق السطح إلى جوار مزروعات عوض لأنها لم تجرأ على الخروج كي لا تلتقي به.

التفتت خلفها يضع عطر من العود الفخم يفضح حضوره بأي وقت، أنحنى جوارها ارضا يجلس على عقبيه

"هذه الجلسة تضر الجنين يا ياسمين".

تململت على الصندوق الخشبي وهمت بالوقوف إلا انه نظر لها عميقا بداخل عيونها

"لمَ تتهربين مني يا ياسمين؟"

ياسمين خاصته المميزة مرة أخرى هذا كثير!

لم تهرب منه تعبت من الهرب

"انت السبب سميح"

"لماذا؟"

"لا يمكنني مواجهتك ولا احتمل اهتمامك المبالغ"

"لهذه الدرجة لا تطيقيني؟!"

سأل بألم بالغ

"على العكس تماما لكنك تأخذ الأمور إلى منحنى آخر بالله عليك أطفال المنزل يظنون بأنك خطيبي؟!".

ابتسامة لعوب اجتاحت زاوية فمه وتمناها بشدة ما إن تضع مولودها حتى يتقدم لها على الفور!

نظر ارضا بعد أن جلب عود قش متطاير، ورسم رسم وهمي على أرضية السطح

"وهل هذا شيء سيء؟"

ردت بموضوعية

"هذا شيء غير حقيقي"

هز رأسه متفاهم وجلب الصندوق المقابل لها وجلس عليه، شبك كفيه بقوة وأحنى رأسه يفكر بمشكلته التي لا حل لها لن يفرض نفسه عليها لكنه لم يستطع نسيانها ابدا يهوها منذ الصغر.

رفع رأسه أخيرا

"لا أستطيع فرض نفسي عليك يا ياسمين، لكن يبقى برقبتي دين لعمي عبد السميع وانت ابنته الوحيدة ولي حق بك كونك ابنه عمي مثلي مثل عوض وفتحي، أتبخلين على بهذا الحق؟!"

رفعت رأسها له لوهلة وارتفعت زاوية فمها بابتسامة

"قديما كنت اتضايق حينما يخبرني الناس بأنهم يحبونني لأنني ابنه عبد السميع لكن منذ أن أصبحت أم"

واحتضنت بطنها بحنان

"أصبحت أشعر بالفخر ولا اتضايق كنت أتمنى دوما أن يحبني الناس لشخصي لا لأحد آخر أي كان"

"تتفهمين مشاعري إذا؟!"

نظرت له بشك

"الأخوية؟!"

ضحك عاليا لا فائدة منها ومن شقاوتها فهز رأسه موافقا إياها على مضض

"أجل ياسمين الأخوية"

زفرت براحة مطلقة وكأن هموم كثيرة انزاحت عنها واستغرب أمرها

"لهذه الدرجة؟!"

"بالطبع"

ولوحت تعد الفوائد على اصابعها

"أولا أفتقدك بشدة يا أستاذ سميح فأنت تقاطعني منذ سنوات طوال

ثانيا اشعر بوحدة وغربة شديدة وانت تتفهمني جيدا وتتفهم احتياجاتي واختلافي دون الحاجة للشرح

ثالثا لديك كم هائل من المعلومات الطبية عن حالتي وعن الصغير وارغب باستغلالك لأقصى درجة

رابعا اشعر بالسوء البالغ لأنك لم تنزل الي مصر منذ لك اليوم المشؤوم وأختبيء من عمي ناصر وأمك من يومها رغم حبي الشديد لهم حتى أخوتك البنات قاطعوني كرامه لك".

ضمت شفتيها ببؤس وربعت يديها

أقترب أكثر بوسامته ووجاهته

"كل هذه الأضرار البالغة أحدثتها بك؟"

فهزت رأسها بدرامية موافقة

"أرئيت كم تحملت وضحيت يا سيد حميد؟!"

"سميح.. اسمي سميح"

تمتم بغضب بالغ

نظرت له بحزن

"اسفة لم أقصد!"

تدارك حدته سريعا

"لا بأس.. لم يحدث شيء"

نظرت له بشك فأكد لها

"أنا لست طفل صغير يا ياسمين ولا اريد الخروج من حياتك مرة أخرى، إن كنت فشلت بنيل قلبك..."

قاطعته

"أنا أقدرك جدا كأخ مقرب سميح وأنت تعلم هذا ولست على أي استعداد لخوض أي تجارب قريبا"

هز رأسه متفهم

"وأنا أقدر صراحتك وأحترمها ياسمين، أعترف بأنني تصرفت بطفولية"

اعادت شعرها للوراء بكبر

"لا بأس سامحتك فلي قلب كبير"

"ما أعظمك؟!"

ضحك كثيرا على غرورها إلا انها ابتأست بشدة

"كف عن الهراء الفارغ بطني سوف تنفجر مني، الجلوس على هذا الصندوق مؤلم جدا! ساعدني سريعا"

مد ذراعه لها وتشبثت به واقفه تأخذ أنفاسها سريعا

"تبا لقد ضغطت على بطني كثيرا!"

"يجب ان ترتاحي"

"أفتقد توحة وجلستها"

"هيا للأسفل إذا"

نزل الاثنان متجاوران وقد رسمت ياسمين بسمة سعيدة على وجهها لا تحب أن تنزوي بمنزلها وسعيدة لأنه سوف تستعيد سميح وعائلته قابلهم إبراهيم وذهب نحوهم بشك فرفعت ياسمين ابهامها له بسعادة

"كيف حالك؟"

نظرت لسميح ونظرت له مرة أخرى وابتسامة جميلة على وجهها

"بخير حال"

نظر لسميح لوهلة ومن ثم التفت للجلبة التي تحدث بغرفة الجدة فذهب الثلاثة، اخذ سميح يزيح الصغار من طريق ياسمين يتوعدهم إذا ما ارطمت بطنها بأحدهم حسابه سوف يكون مريع!

"ياسمين تعال يا قلب ستك، تعال يا سميح تعال"

صرخ الصغير بوجهه

"الكفيل خاصتك صغير جدا ظننته عجوز!"

جحظت عيون سميح وتقدم سريعا يزيح الصغار من امامهم حتى وجد كفيله يجلس ارضا إلى جوار توحه يضحك إلى جوارها

"هلا وغلا اشقنا لك والله"

نظر سميح بحذر نحو توحة فضمت شفتيها بخجل وربعت يديها بأدب بالغ فعلم انها مذنبه تماما

تبا

تبا

تبا!

 

 

نهاية الفصل

 


إرسال تعليق

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال