حكايات بيت الرحايمة_الفصل التاسع عشر_ج2 بقلم هالة الشاعر

 


الفصل التاسع عشر
زائر الفجر

 (2)



أغلقت جفونها بألم ثم وأخيرا تمالكت نفسها وانسحبت عائدة لمنزلها بالبلدة.

***

تنام ياسمين على فخذه توحة التي تمسد شعرها الناعم مرارا وتكرارا وتلك الحركة تهدأ من ياسمين المتعبة بشدة من الأساس، فغرقت بنوم عميق ثقيل

والده عوض تجلس ارضا تراقبها بحسرة وكذلك والده وجلال على سريرة ينظر لها ثم ينظر لتوحة زوجته التي تدير المنزل.

حكايات بيت الرحايمة_الفصل التاسع عشر_ج2 بقلم هالة الشاعر
روايات هالة الشاعر


 لقد تسربت الأمور من يده رويدا رويدا ويشعر بخجل بالغ من نفسه لكن لا أحقية لديه هو من تخلى وتولي فأصبح الأمر أمرها هي، ورغم سلبيته إلا أن قلبه يؤلمه على أحفاده وما حدث بينهم من فرقة وشقاق.

وإبراهيم الذي يراقبها بين كل فنيه والأخرى وما إن تقع عليه عيون الجدة حتى ينظر بعيدا عنهم لكن مرة أخرى تعود وتراقب شحوبها ونحولها فيجد تلك البطن المتكورة أمامها فيغضب أكثر وأكثر.

صوت اقتحام لباب الغرفة التي يمكثون بها أفزعهم جميعا عدا ياسمين، انتفض إبراهيم واقفا حينما رأي حميدة تنظر بشرر وغل واضح تبحث بعيونها عن بطن ياسمين وصرخت من الغل هنا بدأت جفون ياسمين تتحرك

"لا والله لن تلصقي ابن الحرام هذا برأس ابني الغبي، تلك الفتاة فاسقة ويجب دفنها بالحال وحماية شرف ابني"

صراخها عال تجمع على أثره المنزل

انتفض إبراهيم أمامها قاطع عليها الطريق حيث تريد الذهاب للفتك بياسمين ووضع العكاز على رقبتها وتحدث من بين أسنانه بغضب واضح

"قسما بالله العظيم لأرسلك لمنزل ابيك بالجبس يا حميدة إذا ما فكرت بالمساس بشعرة منها"

الشر بعيونه غير مسبوق إلا أنها وإن كانت اهتزت بداخلها لم تظهر ذلك فتحدته وتحدثت بقرف واضح

"زينه الرحايمة لم يسبق أن مد يده على امرأة من قبل فخذ تهديدك بعيدا عني ودعني أخذ بشرف ابني الذي تريدون استغلاله"

ضغط بساق العكاز بقوة على عنقها حتى بات التنفس صعب للغاية وجبينها تعرق وعيونه تخترقها بمنتهي الازدراء

"هناك مرة أولي لكل شيء يا حميدة ولن أتورع ثانية عن محوك عن الحياة كلها إذا ما مسست شرف ابنه الغالي بنظرة واحدة لا بكلمة!"

جحظت عيونها من الحقد والغل والألم!

تثاءبت ياسمين ورفعت رأسها بثقل بالغ وهمهمت

"حميدة كفي عن الصراخ رأسي مصاب بالصداع بعد الولادة أجري التحليل الخاص بالأبوة وسوف تعلمين أنه ابن الوغد خاصتك، انتهينا؟ أذهبي أريد النوم"

تحدثت بإهمال بالغ ومن ثم وضعت رأسها على فخذه جدتها مرها أخرى وجفونها مغلقه ولوحت بيدها بعيدا

"تشو تشو هيا أخرجي!"

أستغرب الحضور من برود ياسمين التي لم تصرخ وتنشب شجار ضاري كعادتها فضحكت فتحية بشدة رغما عنها

"حفظت أفعالكم المخجلة يا حميدة اغربي عن وجهي ولا تصيحي بمنزلي مرة أخرى هل تفهمين؟"

الغل يفتك بها فتك فصعدت تتحرق مما حدث، تنوي الانتقام منهم أشد انتقام لن يلصقوا هذا الطفل بظهر أبنها أبدا مهما حدث!

ضربت باب منزلها بقوة ودلفت لغرفة علياء دون طرق لتجدها متكوره على السرير تنظر للفراغ

"علمت أن ابنه الكلب تلك عادت وتريد لصق ما بأحشائها للغبي أخوك؟، عَلمتِ؟!"

كانت تصرخ بغل بالغ فلم تفهم علياء ما سمعت

"مَن تقصدين؟"

سألت بغير تصديق

"ياسمين.. عادت حامل"

ياسمين

ياسمين

ياسمين

سبب الخراب والدمار الذي حل بحياتها ومستقبلها كله!

"لااااا"

فأكدت لها حميدة بقوة

"بلي بالأسفل"

"يكفي يكفي لم أعد أستطيع سماع اسمها يكفي.. لم أعد أطيقها يكفي دمرتني دمرتني، دمرتني!".

تصرخ بهياج بالغ وتلطم وجنتيها حتى أن حميدة نسيت حنقها منها وبدأت بتكبيل علياء

"يكفي!

 يكفي!!

 علياء ما بك؟

علياء!!!"

سقطت علياء مغشي عليها وحميدة ترتجف وتبكي زوجها ومسافر وابنها غائب ولا أحد يطيقها بالمنزل!

***

استيقظت أخيرا من الغيبوبة التي سقطت بها خمس ساعات متواصلة من النوم على فخذه توحه

"أسفه جدا توحه لابد أن ساقك تؤلمك لم أنم بهذا القدر أبدا منذ مدة، اعتقدت أنني سوف أغفو لدقائق ليس إلا"

غير مبالية بأنها التصقت إلى جوارها وهي نائمة كل هذه المدة تمسح على وجهها فرحة تتأكد من أنها أمامها موجودة حقيقية وليس خيال حلمت به طوال الشهور الماضية

"حمد لله على سلامتك أم سعيد حضرت لك الطعام الذي تحبيه هيا تبدين شاحبة جدا"

"لابد وأن أتحمم بالبداية هلا ساعدتني ورد لا أستطيع الوقوف"

ساعدتها ورد وصعدت معها للأعلى وبعد نصف ساعة عادت منتعشة جدا للغرفة دلفت أم سعيد بالصينيه الخاصة بالطعام وعليها أصناف تشتهيها ياسمين دائما.

وقفت الجدة تراقب الطريق من نافذه غرفتها الحديدية ثم خرجت للخارج تراقب السيارة الأتية من بعيد بقلب موجوع!

بدأت دموعها تتساقط بقوة واحدة تلو الأخرى حتى وقفت السيارة أمام المنزل وخرج منها شاب طويل ركضا نحوها مقبل يدها

"تبكي وترتعش وتمسح على رأسه

"السمح ابن السمح.. السمح ابن السمح"

قبل يدها بشوق ولهفه عدة مرات ومن ثم ضمها الي جسده العضلي القوي بقوة رفعت رأسها للأعلى تربت على وجنتيه غير مصدقة بأنه حقيقة لم ينزل سميح للبدة منذ ثلاث أعوام كامله رؤيته هنا مرة أخرى بدا أمر مستحيل!

"العفو منك يا جدة اشتقت لك اشتقت لك"

"يا حبيبي يا قلب ستك تعال تعال"

ركضت أخته نحوه وما إن تأكدت من هويته حتى صرخت بشوق ولهفه بالغة

"سميــــــــــــــح

 عاد سميح يا أمي، عاد سميح!"

ذهبت راكضه نحوه تضمه وتقبله بشوق لها أعوام لم تره وفجأة انقلب المنزل كله يركضون ناحيته يسلمون عليه ويرحبون به ويهنئوه على عودته.

يقبل رأس أمه وابيه وأخوته ويرفع رأسه يبحث عنها بينما بالداخل تنظر ياسمين لورد مزمومه الشفاه ثم تحدثت أخيرا

"لن أستطيع الركض لغرفتي ببطني هذه دون أن يلاحظني أحد"

فهزت ورد رأسها موافقه

"لا تعتقدين بأنها صدفة بأنه عاد بعد ثلاث سنوات اليوم اليس كذلك؟"

هزت ورد برأسها مرة أخرى فزمجرت بها بغضب

"تبا لصراحتك ورد!"

أخذت نفس عميق وخرجت أفضل حل هو المواجهة!

حالما خرجت رفع رأسه يبحث عنها مرة أخرى فتلاقت أعينهم على الفور توقف الزمن به وهي شعور من الذنب غمرها من رأسها إلى أسفل قدمها بسببها لم يعد لمنزله منذ سنوات ربت على كتف والدته وتوجه نحوها غير مصدق! بحث كل يوم عنها بكل وسائل التواصل التي تنشر بها ولم يجد لها أثر منذ يوم عرسها والتي بدت به كالأميرات وهو لم يرها والآن ها هي بعد سنوات أمامه نحيفة كما لم يرى من قبل قط، وشعرها لم يرها يوما بشعر غير مموج دائما ما كانت تموجه مفرود يغطيها بالكامل ويصل إلى منتصف فخذها وقف أمامها أخيرا بعد أن تمكن من الوصول لها!

"كيف حالك ياسمين؟"

دائما ما ينطق أسمها بنبرة مميزة

"بخير مرحبا بعودتك سميح"

ظهر إبراهيم من خلف ياسمين يعض على شفتيه بقوة

"حمد لله على سلامتك يا سميح"

قطع تواصله مع ياسمين ومد يده يسلم على إبراهيم

"هيا يا ياسمين برد طعامك"

جذبها إبراهيم بحزم للغرفة فدخلت بينما الجدة التي وصلت شجعته على الدخول هو واسرته.

"هكذا يا سميح لا تخبر أمك لم أعد شيء لك!"

ربتت الجدة عليها

"لا بأس يا أم سميح هناك ما يكفي ويفيض هيا أدخلوا جميعا"

عائلة سميح ترحب به مشتاقين بشدة وهو يختطف النظرات بشوق بالغ لها كلما أتيحت له الفرصة وانتهي الحال بكل منهم يتناول الطعام على طاوله توحة البسيطة ولا يدري أي منهم أهي صدفة أم القدر الذي رتب لهم هذا اللقاء؟!!

***

الرابعة فجرا والكل نائم تقريبا عداها هي وبضعه من المقربين يجلسون أمام المنزل ينتظرون.

جلب لها سميح كرسي من الخيزران ووضع الوسائد وأصبح مريح جدا، جلست تنتظر لم تستطع الصعود للأعلى لا لم تحتمل ابدا، ها هو النور الخاص بالسيارة يخترق ظلمه الليل البالغة وقفت السيارة ونزل عبد الجبار وعوض ولم ينزل حميد جذبه عبد الجبار من ثيابه بقوة يحسه على الذهاب إلا انه كان عنيف فتعثر بخطواته وسقط أرضا امام ياسمين.

نظر غير مصدق لبطنها المنتفخة حتى جحظت عيناه فنزلت ياسمين على عقبيها بصعوبة أمامه وربتت على بطنها

"أجل عزيزي هذا هو الوغد أبوك.. ركز جيدا لأنها المرة الأخيرة التي سوف تراه بها".

 

 

 

نهاية الفصل

 

 

1 تعليقات

يسعدني معرفة رأيك بالفصل أو المقالة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال